تمكّن فريقٌ بحثيٌّ بسلطنة عُمان من توثيق البنية الوراثية والتنوع الجيني للغزال العربي (Gazella arabica) في مراكز الإكثار بسلطنة عُمان من خلال دراسة علمية شاملة في مجلة Zoology in the Middle East.
وتُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها نقلة نوعية في مجال صون الحياة الفطرية وإدارة الموارد الوراثية في سلطنة عُمان، حيث سيسهم في توفير قاعدة بيانات دقيقة تدعم خطط الحفاظ على أنواع الحيوانات البرية خاصة المهددة بالانقراض.

واعتمدت الدراسة التي قام بها فريق مشترك من هيئة البيئة ومركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وجامعة السُّلطان قابوس على:
تقنيات تحليل جيني متقدمة شملت تسلسل الحمض النووي للميتوكوندريا (mtDNA)، وخاصة جين السيتوكروم b والمنطقة المتحكمة (CR)، إلى جانب واسمات نووية دقيقة (Microsatellite DNA) لتحليل البنية الوراثية لـ 65 عيّنة من الغزال العربي جمعت من ثلاثة مواقع رئيسة للإكثار والحماية في سلطنة عُمان هي: حديقة السليل الطبيعية بمحافظة جنوب الشرقية، ومركز إكثار وتأهيل الحياة الفطرية بولاية بركاء بمحافظة جنوب الباطنة، ومحمية المها العربية بمحافظة الوسطى.
وأظهرت النتائج أن:
جميع العيّنات تنتمي بوضوح إلى نوع الغزال العربي ، كما بيّنت وجود تنوع جيني مرتفع داخل المجموعات الثلاث مع تدفق وراثي جيد فيما بينها شملت عمليات إكثار الغزال العربي داخل الأسر وإعادة الإطلاق للحياة البرية، وهو ما يعد مؤشرًا حيويًّا يعزز قدرة هذه القطعان على التكيف ومقاومة الأمراض والمخاطر البيئية.
وكشفت الدراسة عن أن:
التحليلات النووية مستوى تمايز وراثي ضعيف إلى متوسط بين المجموعات، ما يؤكد إمكانية استخدامها مجتمعة لدعم برامج إعادة الإطلاق دون زيادة خطر التزاوج الداخلي أو فقدان التنوع الحيوي.
وتوفر هذه الدراسة أساسًا علميًّا متينًا لإدارة وحماية الغزال العربي في سلطنة عُمان، وتساعدنا في بناء برامج إعادة إطلاق فعّالة ومستدامة والحفاظ على التنوع الجيني الذي يشكّل خط الدفاع الأول ضد المخاطر البيئية والأمراض، وتتيح النتائج أدوات علمية دقيقة لدعم برامج الصون، وتُمكن من تتبع الأصول الوراثية للقطعان المحلية والمصادرة، ما يسهم في مكافحة الصيد غير المشروع وحماية الثروة الطبيعية الوطنية.
وتمثل هذه الدراسة نموذجًا ناجحًا لتكامل العمل البحثي يعكس قدرة الكفاءات العُمانية على إنتاج معرفة علمية تُوظَّف مباشرة لخدمة استدامة الموارد الطبيعية والأحياء الفطرية.
وقال الباحث زاهر بن سالم العلوي من هيئة البيئة إن:
الدراسة توفر أساسًا علميًّا متينًا لإدارة وحماية الغزال العربي في سلطنة عُمان، وتساعدنا في بناء برامج إعادة إطلاق فعّالة ومستدامة والحفاظ على التنوع الجيني الذي يشكل خط الدفاع الأول ضد المخاطر البيئية والأمراض.
وأضاف أن:
النتائج تمنح صانعي القرار أدوات علمية دقيقة لدعم برامج الصون، وتُمكن من تتبع الأصول الوراثية للقطعان المحلية والمصادرة، ما يسهم في مكافحة الصيد غير المشروع وحماية الثروة الطبيعية الوطنية، مشيرا إلى أن المشروع يمثل إنجازًا نموذجًا ناجحًا لتكامل العمل البحثي مع الخطط الوطنية، يعكس قدرة الكفاءات العُمانية على إنتاج معرفة علمية رصينة تُوظَّف مباشرة لخدمة استدامة الموارد الطبيعية والأحياء الفطرية.
من جانبها أكدت الدكتورة عليا الأنصاري من جامعة السُّلطان قابوس أن:
هذا العمل البحثي يبرز أهمية التعاون المؤسسي في سلطنة عُمان؛ حيث تمثل هيئة البيئة المرجعية الوطنية في حماية الكائنات الفطرية والتنوع الحيوي، وقد استفادت من هذه النتائج لتعزيز دقة برامج الصون وإعادة الإطلاق، ووضع خطط مستندة إلى بيانات جينية موثوقة تمكّنها أيضًا من تتبع أصول الحيوانات المضبوطة في حالات الصيد غير المشروع.
أما مركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية فقد حقق من خلال هذه الدراسة هدفًا استراتيجيًّا يتمثل في بناء بنك جيني وطني للحياة الفطرية يضمن توثيق الموارد الوراثية المحلية وحفظها للأجيال القادمة، وتوفير مرجع علمي يساعد في تحسين الأنواع وإدارة التنوع الجيني في برامج الإكثار، فيما عززت جامعة السُّلطان قابوس دورها الأكاديمي من خلال تقديم الخبرة البحثية والبنية المخبرية المتقدمة، وتحويل العمل الميداني إلى معرفة منشورة عالميًّا تسهم في تدريب الكوادر الوطنية ورفع مكانة الجامعة في البحث التطبيقي المرتبط باحتياجات البيئة العُمانية.
وفي سياق متصل أفادت الباحثة أصيلة بنت سليمان الناعبية رئيسة قسم البحث وصون الموارد الوراثية من مركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية بأن:
توثيق أنواع الحيوانات البرية المنتشرة في سلطنة عُمان من خلال تحديد الشفرة الوراثية يسهم في الحفاظ على الموارد الوراثية المحلية وتأمين حقوق الملكية الفكرية لها، كما أن حفظ عيّنات الأصول الوراثية لهذه الأنواع في البنوك الجينية يضمن استدامتها مستقبلًا.
ووضحت أن:
هذا البحث يشكّل إضافة محورية لجهود سلطنة عُمان في تنفيذ استراتيجيات مستدامة لصون الحياة الفطرية، حيث ستمكّن نتائج هذا البحث من وضع خطط دقيقة لإعادة إطلاق الغزال العربي في بيئاته الطبيعية وتحسين إدارة القطعان في مراكز الإكثار، بالإضافة إلى تطوير أدوات علمية لتتبع الأصول الوراثية للحيوانات ومكافحة الصيد الجائر، ويمثّل نموذجًا ناجحًا لكيفية توظيف العلوم الجينية لدعم السياسات الوطنية وتحقيق أهداف الاستدامة والتنوع الحيوي.

ووضح المهندس أحمد بن سعيد الشكيلي من هيئة البيئة أن:
الدراسة تعد ركيزة علمية مهمة تسهم بشكل مباشر في دعم المؤشرات البيئية الوطنية، خاصة ما يتعلق بحفظ التنوع الإحيائي واستدامة النظم البيئية الطبيعية، وهي من الأهداف الرئيسة في محور البيئة والموارد الطبيعية ضمن رؤية “عُمان 2040”.