يعد “التبسيل” لإنتاج الفاغور من الظواهر الاجتماعية والموروث القديم في عدد من ولايات سلطنة عُمان حيث يشترك في هذا العمل أفراد الأسرة والجيران من خلال تقسيم الأدوار في مشهد تعاوني لا يتكرر كثيرا إلا في موسم القيظ.
يقول محمد بن خلف المسروري أحد المزارعين في ولاية منح والمهتمين بعملية التبسيل:
“نعمل في التبسيل منذ الصغر وهي فرصة لتجمع الناس وتآلفهم وتقاربهم إضافة إلى مشاركة الأطفال والتبسيل موسم سنوي ينحصر في نخلة المبسلي التي تزرع في معظم ولايات سلطنة عُمان وبالأخص في محافظة شمال الشرقية وهو عبارة عن جداد المبسلي عن طريق قطع عذوق النخيل قبل نضج الثمار، ومن ثم فصل البسور من العذق وتجميعا والتخلص من البسور الخضراء، أما الثمرة الناضجة “الرطب” فيتم تجفيفها أو أكلها لأنها لا تصلح للطبخ، ثم وضع البسور الصفراء في مراجل كبيرة مجهزة بالماء ويوقد تحتها النيران حتى تنضج حيث تستمر لفترة زمنية تتراوح ما بين 30 إلى 40 دقيقة، يتم نقلها بعد ذلك إلى أماكن التجفيف تحت أشعة الشمس لمدة 7 أيام حتى تصل إلى درجة الجفاف الكامل، ليتم بعد ذلك جمعه وتنقيته من الشوائب في أوعية أو أكياس خاصة، لنحصل في النهاية على “الفاغور” ويكون جاهزًا لبيعه متى ما يتم طلبه من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.

وأضاف المسروري أن:
موسم التبسيل يتم عادة بين شهري يونيو ويوليو من كل عام حسب درجة الحرارة في مشهد يتوارث جيلا بعد جيل ونحن في ولاية منح لا زلنا متمسكين بهذا الموروث والمحافظة على نخلة المبسلي التي بدأ كثير من المزارعين في تركها والاعتماد على أصناف أخرى محلية.
وبين أن:
“الفاغور” غذاء جيد يكثر الطلب عليه من خارج سلطنة عمان حيث يتم تسويقه بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وأغلب الناتج يصدر إلى الهند.
وذكر أن:
سعر الكيلوجرام منه يتراوح ما بين “500و700” بيسة ويصل إلى ريال في مراكز التسوق الكبيرة وهو سعر جيد ومجد اقتصاديا للمزارع وبدأ هذا المنتج يدخل في الصناعات الغذائية من خلال طحنه ليكون بديلا عن السكر مثل الحلويات والكعك والبسكويت ومعظم المخبوزات وغيرها وبالتالي يدخل في السوق المحلي بديلًا عن السكر الأبيض لأن ثمار نخلة المبسلي تمتاز بنسبة سكر عالية وخاصة حين يكون مع النوى يستمر تخزينه لثلاث سنوات محتفظا بجودته وسلامته وفي الهند والصين وصلوا إلى مرحلة إدخال هذا المنتج ضمن الصناعات الدوائية فإذا ما تم الالتفات إلى هذا المنتج يمكن أن تقوم عليه صناعات تحويلية بعائد اقتصادي جيد ومنه ندعم المزارع في الثبات على هذه المهنة والمحافظة على الموروث.

وأشار المسروري إلى أن:
إنتاج الفاغور العُماني بدأ في الانحسار بشكل سنوي بعد غياب الدعم وضعف التسويق داخليًّا وخارجيًّا ودخول دول أخرى منافسة لهذا المحصول وابتعاد المزارعين عن الاهتمام بسبب ضعف العائد المادي، لذا نناشد الجهات المعنية الاهتمام بهذا الموروث وإيجاد الدعم والتسويق اللازم له حيث يشكل قيمة مضافة للدخل الوطني من خلال تشغيل عدد من المواطنين في موسم التبسيل.
وأوضح أنه:
لدينا خطط مستقبلية لتحويل منتج الفاغور إلى صناعات تحويلية لتزيد قيمته والعائد الاقتصادي منه وإدخاله في صناعه الحلويات والبسكويت والمخبوزات لحاجة السوق المحلي لبديل صحي عن السكر الأبيض، كما يمكن تسويق مخلفات النخيل مثل الزور والكرب والليف مثل منتج يستخدم عند الطبخ.