نظَّم النادي الثقافي مساء اليوم الثلاثاء بمقره في القرم ندوة علمية بعنوان “هجرة الأسر بين الأحساء وعُمان والعلاقة العلمية والتاريخية بينهما” التي هدفت إلى إبراز أهمية هذه العلاقات ومناقشة التفاصيل التاريخية والهجرات الأسرية.
شارك في الندوة التي أداراها يوسف أمبوعلي..
الدكتور ناصر السعدي بورقة حول “حضور الأحساء في مدونات التراث العُماني” وعبر الاتصال المرئي، الباحث الشيخ محمد علي الحرز من المملكة العربية السعودية بورقة حول “العلاقة التاريخية والعلمية بين الأحساء وعُمان”.
وفي ورقة العمل التي قدمها الباحث الشيخ محمد علي الحرز بعنوان “العلاقة التاريخية والعلمية بين الأحساء وعُمان” أكَّد أنَّ:
العلاقة التاريخية بين سلطنة عُمان ومنطقة الأحساء بالمملكة العربية السعودية علاقة متينة، حيث إنَّ بينهما تشابهًا كبيرًا في العادات والتقاليد، إضافة إلى العلاقات الاقتصادية والأسرية والعلمية المتبادلة التي أسهمت في تعزيز هذه الرابطة وزيادة وثاقتها.
وأشار إلى أنَّه:
على الرغم من هذه العلاقة التاريخية الواسعة إلا أنَّ ما دوِّنَ منها في أطراف الكتب لا يشكل إلا النزر اليسير من الواقع والحقيقة، مما جعل الباحث يحتاج إلى جهد كبير بالبحث في المصادر التاريخية المطبوعة والمخطوطة، والاستفادة من التاريخ الشفهي المتناقل عند الأحسائيين والعُمانيين، ورغم الاتفاق بين مختلف الأطراف الأحسائية والعُمانية فإنَّ الارتباط ضارب في القدم إلى القرون المبكرة من العهد الإسلامي.
وقال إنَّ:
جذور العلاقة التاريخية بين الأحساء وعُمان ترجع لعدة أسباب منها أنَّ الأحساء كانت على طريق الحاج العُماني، إضافة إلى العلاقات السياسية والتاريخية والتبادل التجاري والاقتصادي والقرب الجغرافي وتشابه العادات والتقاليد والطيبة والتسامح التي تعدُّ من أبرز السمات الاجتماعية بينهما.
وأضاف أنَّ:
الهجرة العلمية العُمانية إلى الأحساء كانت على فترات متقطعة، وكان لهذا الوجود أثرٌ علمي وإيجابي على المنطقة، فمن شواهد هذا الوجود أمور عديدة منها الدراسة والتتلمذ، حيث عاش في الأحساء مجموعة من العلماء العُمانيين، إمَّا بصورة مؤقتة أو دائمة، منهم على سبيل المثال الشيخ عبد المحسن بن محمد العُماني والشيخ محمد بن يحيى اليحيائي الدبوي العُماني (ت: 1192هـ)، والشيخ عبد الله بن محمد المزروعي (القرن الثالث عشر)، والشيخ غانم بن سالم الشامسي (القرن الرابع عشر).
وقال إنَّ:
من المدارس العلمية التي يعود الفضل في إنشائها وتشييدها إلى الشخصيات العُمانية المدرسة الوسطى لآل الملا والتي أوقفها الشيخ عبد الله بن سليمان بن دهنيم العُماني، والشيخ راشد بن محمد القاسمي العُماني من أهالي مسقط، وذلك في سنة 1295هـ، ويعود ذلك إلى مظاهر الوعي لدى الواقفين ولسمة بعد النظر لديهما في العمل الخيري وخدمة المجتمع.
وأشار الشيخ الحرز إلى أنَّ:
العمانيين في الأحساء أولوا نسخ الكتب حيزًا من نشاطهم وجهودهم العلمية، فالكتاب منبع العطاء ومصدر تلقي المعارف والعلوم، وتطرق الباحث أيضًا إلى العديد من المحاور منها إيقاف الكتب التي تعد من سبل النشاط العلمي والتنمية المعرفية بغرض استمرارية الانتفاع والاستفادة، وفي هذا الأمر دلالة على ندرة الكتب وصعوبة الحصول عليها خاصة لطلبة العلم في بداية مشاورهم العلمي، فيكون الطالب بأمسِّ الحاجة إلى الكتاب، ولكن يحول بينه وبينها الإعسار المادي.
وتناول الباحث كذلك..
المراسلات الأحسائية العُمانية التي أخذت حيِّزًا مهمًا من العلاقات العلمية، وقد تمَّ رصد مجموعة من الرسائل ترجع لأسرة الملا الأحسائية مع مجموعة من أعلام سلطنة عُمان ومنهم الشيخ أحمد بن عبد اللطيف آل ملا (1313 – 1402هـ)، والشيخ محمد بن أبوبكر بن عبد الله آل ملا والشيخ صالح بن إبراهيم الصحاري الكمشكي.
والشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن عبد الله الرُّستاقي الفارسي وقاضي مسقط الشيخ سالم بن عبدالله بن علي الخنجري والشيخ سيف الدين محمد بن عباس الصابري العُماني (ت: 1352هـ).
وحول الهجرة الأحسائية إلى عُمان قال الشيخ الباحث إنَّ:
الهجرة الأحسائية تنوعت بين العلمية والأدبية والاقتصادية بعضهم بشكل دائم والبعض الآخر مؤقت تبعًا للظروف والعوامل المختلفة، حيث إنَّ بعض الأسر استقرت بشكل دائم في عُمان وذابت في المجتمع العُماني.
وفي الورقة الثانية التي جاءت بعنوان حضور منطقة الأحساء في مدونات التراث العُماني وقدمها الدكتور ناصر بن سيف السعدي أستاذ مساعد بكرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج بجامعة نزوى قال السعدي إنَّ إقليم الأحساء يرتبط بجوار جغرافي، إذ إنَّ موقعه مجاورًا لعُمان، فكان لهذا الجوار فضل في التواصل الاجتماعي والثقافي والسياسي، إذ يقول سلمة بن مسلم العوتبي عن أثر الجوار التاريخي بين المنطقتين، ما نصه “فلم تزل الأزد تنتقل إلى عُمان، حتى كثروا بها، وقويت يدهم، واشتدت شوكتهم، وملؤوها حتى انتشروا إلى البحرين وهجر -الأحساء-.
وأضاف:
“إلا أنَّ هذا التداخل الاجتماعي والثقافي لم يحظ بدراسة وتتبع، وبالرغم من قلة التدوين التاريخي العام لمظاهر العلاقة بين المنطقتين، إلا أنَّ هناك مصادر بديلة يمكن الاعتماد عليها في كتابة تاريخ العلاقة، منها الوثائق الأهلية، والمراسلات والإشارات سواء في المصادر العُمانية أو المصادر الأحسائية، والمصادر العربية عامة.
وتطرق الدكتور ناصر إلى:
الدلالات الإدارية والجغرافية والبيئية لحضور إقليم الأحساء وهي تلك الإشارات التي حملت معنى موقع الأحساء أو علاقته بالأقاليم الجغرافية الأخرى، أو ما يتصل بتبعية الأحساء، والجوانب البيئية كالإشارة إلى بعض الحيوانات التي تستوطن إقليم الأحساء.
وأضاف أنَّ:
الأحساء وجدت في نصوص الأدب والشعر، حيث هنالك العديد من الإشارات المرتبطة بحضور الأحساء في نصوص الأدب والشعر، فقد جاء ذكر الأحساء في العديد من القصائد الشعرية بدءا من الشاعر اللواح وسليمان بن سليمان النبهاني وغيرهما من الشعراء، وفي عهد اليعاربة أشير إلى بعض شعراء الأحساء الذين وفدوا على أئمة اليعاربة، منهم شاعر يسمى حسين العقيرواي وفد على الإمام بلعرب بن سلطان (ت:1104هـ)، وقصيدة أخرى قالها الشاعر بشير بن عامر الفزاري ردًّا على عامل أحد أئمة اليعاربة على الأحساء.