تستضيف خلود العلوي الطبيب حمد بن ناصر السناوي استشاري أول الطب النفسي وطب نفسي المسنين بجامعة السلطان قابوس حول حياة المرضى مع الأطباء ومدى كشف حالتهم الصحية ومدى التأثير النفسي الـذي قد يلحق بهم وفي المقابل ماهية صور التننمر التي قد تلحق بالطبيب بعدما يتم مكاشفة المريض عن نوع مرضه..
وفي هذا الصدد
أسرد الطبيب السناوي قصة رواها للعلوية والمستمعين بعد سؤال طرحته الأخيرة حول ما جرى والتي جاءت كالتالي:
أرسلت لي إحدى المتابعين على موقع التواصل الاجتماعي الانستجرام رسالة غاضبة يزعم فيه أنه “دمر حياة والدته، وأنا والأطباء النفسيين الذي قمنا بزيارتهم سابقًا، لأن ثلاثتنا أخبرناها أنها تعاني من مرض نفسي“..
أجبتها باختصار..
بأنني لا أقوم بمناقشة مرضاي على مواقع التواصل إحتراما للخصوصية وأنه يمكنها مراجعة العيادة إذا كانت لديها شكوى معينه ، لكنها قامت بالدعاء علي تتمنى أن أصاب أنا أيضا بالمرض النفسي، وأنا اتعذب وغيرها من الدعوات المريعة، هنا لم أجد بُد من حظرها ومسح رسائلها الغاضبة، ولا أخفي عليكم أن الموضوع أصابني بالغيظ ، خاصة وأن رسائلها وصلت في وقت خارج ساعات العمل…
يمكننا تعريف التنمر بالسلوك الذي يمارسه شخص أو مجموعة من الأشخاص ضد شخص أخر يتعمد به إزعاجه بطريقة متكررة. وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الشخص المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو عزله ما بقصد الإيذاء أو الاتيان حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ ، ويأخذ التنمر الإلكتروني نمط خاص حيث يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي حين يقوم المتنمر بأخافة او استفزاز الضحية وتشويه سمعته عن طريق نشر الاشاعات والأكاذيب عنه، أو إنتحال شخصية فرد أخر ومطاردة الضحيه عبر المنصات المختلفة ، و حسب الدراسات النفسية فأن التنمر عادة ما ينتج عن عدة عوامل نفسية واجتماعية تحدث للمتنمر وربما تدفعه لممارسة ذلك السلوك، من بين هذه العوامل فقدان الثقة بالنفس، والغيرة من تفوق الضحية، والضغوطات النفسية والخلافات الأسرية التي تجعل من سلوك التنمر ملاذا ينسى خلاله مشاكله الخاصة ، و أحيانا يكون المتنمر قد تعرض للتنمر سابقا وهو ما يعرف بدائرة التنمر.
ومهما كان نوع التنمر فإن العواقب الناتجة عنه كثيرة ويمكن أن تؤدي إلى إصابة الضحية بالتبعات النفسية المختلفة مثل القلق والاكتئاب و إضطراب النوم، بل وقد يصل الأمر إلى إدمان الكحول والمخدرات أو محاولة الانتحار ، ورغم أن التنمر كسلوك عادة ما يحدث لدى الشباب والمراهقين إلا أنه قد يحدث في جميع المراحل العمرية خاصة مع توفر الإنترنت وسهولة فتح حسابات وهمية يمارس المتنمر سلوكه من خلالها دون كشف هويته كما أن عدم مشاهدة الضحية وجها لوجه تفقد المتنمر مشاعر التعاطف لأنه لا يرى التأثير المباشر لسلوكه.
أما التنمر في مكان العمل فيتخذ وجها عديدة مثل الانتقاد المستمر وغير المبرر للموظف والتقليل من شأنه و تعطيل إجازاته السنوية و طلبه للترقية ، أو ترقية من هم أقل منه كفائه ، كل هذه الأفعال تؤثر سلبا على صحة الموظف الجسدية والنفسية وقد تؤدي إلى الأحتراق الوظيفي و إلى فقدانه الشغف في الوظيفة والشعور بالتعاسة.
ورغم أن العديد من الدول سنت القوانين التي تعاقب المتنمر بالسجن أو الغرامة المالية إلا أن البعض لا يردعه ذلك عن القيام بالتنمر خاصة في ظل غياب الوعي بين فئة الشباب والمراهقين وخوفهم من تهديدات المتنمر.
ينصح علماء النفس الأفراد الذين يتعرضون للتنمر بعدم لوم الذات و تجنب الرد على المتنمر لأن ذلك ينمي شعوره بالقوة والسيطرة على الضحية، وفي حالة وجود أدلة للتنمر فيجب الاحتفاظ بها وتسليمها للجهات القانونية، ويفضل التحدث مع الأهل والأصدقاء و حضر المتنمر على مواقع التواصل المختلفة ، وفي حالة وجود تهديد بالإيذاء يجب الاتصال بالشرطة .