عُمان تنظم حدثًا أمميًّا بنيويورك لتعزيز الجهود ضد الأمراض غير السارية

على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة.
مقر الأمم المتحدة بنيويورك
مقر الأمم المتحدة بنيويورك

الخميس,25 سبتمبر , 2025 9:19ص

 نظمت سلطنة عُمان، بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، اليوم حدثًا جانبيًّا رفيع المستوى بعنوان: “رؤية واحدة.. مستقبل واحد: حشد النشاط العالمي لمكافحة الأمراض غير السارية للأجيال القادمة”، وذلك بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة.

صاحبة السُّمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد.

واستُهل الحدث بكلمة افتتاحية ألقتها صاحبة السُّمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، مساعدة رئيس جامعة السلطان قابوس لشؤون التعاون الدولي، رئيسة اللجنة الوطنية للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، قالت فيها:

تحمل سلطنة عُمان، شأنها شأن العديد من الدول حول العالم، عبء الأمراض غير السارية، فهذه الأمراض الصامتة رغم شدتها المدمرة تحصد الأرواح، وتحدُّ من إمكانات الأفراد، وتضع ضغوطًا على نسيج مجتمعاتنا الأساسية.

وأشارت سموها إلى أن:

سلطنة عُمان تُدرك تمام الإدراك هذا التحدي، وتعمل بعزم وإصرار لمواجهته. وتعتمد جهودها على قناعة راسخة بأن الوقاية المبنية على البيئة التي نوجّهها، والأغذية التي نستهلكها، والهواء الذي نتنفسه، والخيارات المتأثرة بأنظمة تتجاوز القطاع الصحي، تمثل مسؤولية أخلاقية وضرورة اقتصادية في الوقت نفسه، بما يحقق فوائد كبيرة لشعبنا ومستقبل أجيالنا القادمة.

وأضافت سموها:

ندرك أن الوقاية يجب أن تُكملها العلاجات والرعاية، التي تظل الحصن الدائم للأفراد والأسر والمجتمعات المتأثرة بالفعل، وقد عملت سلطنة عُمان على تعزيز نظامها الصحي لضمان العدالة والوصول الشامل للخدمات الصحية، ففي جميع أنحاء البلاد تقدّم أكثر من 200 منشأة للرعاية الأولية الخدمات، مجهزة بالأدوية الأساسية، والأدوات التشخيصية، ومقدمي الرعاية المؤهلين.

وأفادت سموها بأن:

الخدمات المتخصّصة تُلبي احتياجات الأشخاص الذين يعيشون مع حالات مزمنة، وتُساعد برامج الكشف المبكر على التعرف على الأمراض في مراحلها الأولى، بينما تُقدم المبادرات المجتمعية الخدمات الصحية مباشرة للمرضى، مُمكّنة إياهم من عيش حياة أطول وأكثر صحة ورفاهية.

وأكّدت سموها أنه:

قد اعتُرف بجهود سلطنة عُمان في مجال الأمراض التنفسية المزمنة بتصنيفها مركزًا متعاونًا مع منظمة الصحة العالمية للبحث والتدريب في الأمراض التنفسية المزمنة، ويعكس هذا التميّز التزامها بتطوير القدرات، وتعزيز الخدمات، والمساهمة في الجهود الإقليمية والعالمية للحد من عبء هذه الأمراض، بالتعاون مع المجتمع الدولي.

أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة.

وأشارت سموها إلى أنّ:

سلطنة عُمان حصلت على الشهادة الرسمية للقضاء على الدهون المتحولة المنتجة صناعيًّا، وهو إنجاز يحمي الأجيال القادمة من المخاطر الصحية، كما تقدمت في مجال مكافحة التبغ من خلال تطبيق التغليف البسيط لمنتجات التبغ، ومنع استخدام السجائر الإلكترونية، مؤكّدةً بذلك التزامها بحماية الصحة.

وقالت سموها:

نحن الآن على وشك إكمال أكبر مسح وطني للأسر حول الأمراض غير السارية، حيث شارك أكثر من 10 آلاف فرد، مما يشكّل قاعدة بيانات قوية للأدلة ترتبط بسلاسة بالمسوحات والدراسات السابقة، بما يضمن الاستمرارية، وقابلية المقارنة، وعمق التحليل.

وأضافت سموها:

يأتي الرصد الوطني للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها في صميم هذه الجهود، حيث يمثل أساسًا يربط البيانات المستقاة من المرافق الصحية بالاستجابات الصحية على مستوى السكان، ويضمن قياس النتائج والتأثير بطرق تُفيد جميع القطاعات، وليس القطاع الصحي وحده، حيث يشكّل جسرًا يربط بين العلم والسياسة، وبين الصحة وأجندة التنمية الشاملة.

وبيّنت سموها أنّ:

سلطنة عُمان تتخذ خطوات ملموسة لتحديث سياستها الوطنية متعددة القطاعات للأمراض غير السارية، وستعقد قريبًا حلقة عمل تشاورية تجمع جميع الأطراف المعنية لدفع هذه السياسة قدمًا، إلى جانب إعداد استراتيجية وطنية للوقاية من الأمراض غير السارية تعكس واقع حياة شعبنا وترابط المخاطر التي نواجهها.

وأكّدت صاحبة السُّمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، مساعدة رئيس جامعة السلطان قابوس لشؤون التعاون الدولي، رئيسة اللجنة الوطنية للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، في ختام كلمتها أن:

التحدي في سلطنة عُمان وحول العالم لا يقتصر على التخفيف من عبء الأمراض فحسب، بل يرتبط بحماية الكرامة، وصون الفرص، وضمان مستقبل الأجيال القادمة، وهو كذلك التزام بتوحيد الجهود مع أهداف التنمية المستدامة، والالتزامات الدولية والإقليمية، وداخل سلطنة عُمان مع مستهدفات رؤية عُمان 2040، بما يكفل أن تظل الصحة ركيزةً للتنمية الوطنية ومرآة لتقدمنا.

معالي الدكتور هلال بن علي بن هلال السبتي.

وتضمن برنامج الحدث الجانبي سلسلة من العروض التقديمية والنقاشات التفاعلية شارك فيها خبراء بارزون من سلطنة عُمان، ومنظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، ومؤسسة السكري العالمية، وقد أدار الجلسات كلٌ من الدكتور نيكولاس باناتفالا – رئيس أمانة فرقة العمل المشتركة بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة المعنية بالوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، والدكتورة شذى بنت سعود الرئيسية – مديرة دائرة الأمراض غير السارية بوزارة الصحة.

وقدّم سعادة الدكتور أحمد بن سالم المنظري – وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتنظيم الصحي – عرضًا حول الرعاية الأولية: أساس مسيرة التحول الصحي، وتناول الدكتور أسـموس هامريش – مدير الأمراض غير السارية والصحة النفسية بإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية – استراتيجيات “أفضل الممارسات” لمكافحة الأمراض غير السارية.

كما قدّم فولكان سيتينكايا – كبير خبراء الاقتصاد الصحي بالبنك الدولي – عرضًا حول الضرائب الصحية: تحسين الصحة وتوليد الإيرادات الضريبية، واستعرضت سانِه فروست هِلت – المديرة العليا للسياسات والبرامج والشراكات بمؤسسة السكري العالمية – الشراكات متعددة الأطراف لتعزيز الاستجابة للأمراض غير السارية بدراسات وتجارب عالمية.

وشهد برنامج الحدث الجانبي الذي استضافته سلطنة عُمان كذلك جلسة نقاشية رفيعة المستوى حول “القيادة والمساءلة: من الالتزامات إلى التأثير الفاعل.. المضي قدمًا نحو تعزيز التغطية الصحية الشاملة للأمراض غير السارية والإرادة السياسية”، بمشاركة من الدول الراعية، إلى جانب شخصيات دولية بارزة مثل سعادة الدكتورة حنان بلخي – المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط –، ومعالي تيودورو هيربوسا – وزير الصحة في جمهورية الفلبين -، ومعالي الدكتور كوابينا مينتاه أكاندوه – وزير الصحة الغاني -، والنائب كريستوفر كايليا، عضو البرلمان الزامبي ورئيس رابطة الكومنولث البرلمانية، وأليسون كوكس – مديرة السياسات والمناصرة في التحالف المعني بالأمراض غير السارية.

وركّز الحدث على تعزيز الالتزامات السياسية العالمية لمكافحة الأمراض غير السارية، واستعراض قصص نجاح وتجارب دولية في مجالات السياسات والتمويل والوقاية، إلى جانب إطلاق شراكات متعددة القطاعات تشمل الصحة، والتعليم، والمالية، والزراعة، والتكنولوجيا. كما تمت الدعوة إلى دعم التدخلات المجربة مثل فرض الضرائب على التبغ والسكر والكحول، وتوسيع نطاق الرعاية الصحية الأولية.

وهدف هذا الحدث إلى إحياء النشاط العالمي وترجمة الوعود السياسية إلى واقع ملموس، بالتركيز على قصص النجاح المؤثرة والاستفادة منها، وأسفر عن مجموعة من التوصيات والسياسات العملية، وخطة متابعة لمدة تتراوح بين 12 و24 شهرًا، تهدف إلى تسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف المتعلق بخفض الوفيات المبكرة الناتجة عن الأمراض غير السارية بمقدار الثلث بحلول عام 2030.

وتبرز سلطنة عُمان اليوم بصفتها صوتًا فاعلًا ومؤثرًا في الجهود العالمية لمكافحة الأمراض غير السارية؛ إذ أولت الحكومة هذا الملف أولوية قصوى وجعلته ركنًا أساسيًّا ضمن أجندتها الصحية الوطنية بإرادة سياسية راسخة.

ورسخت سلطنة عُمان نظم حوكمة متعددة القطاعات، ودمج قضايا الأمراض غير السارية في استراتيجياتها التنموية الشاملة، إلى جانب الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية والمبادرات المجتمعية، ويعكس حضورها في المنصات الإقليمية والدولية التزامها بالعدالة الصحية والابتكار وتعزيز القدرة على الصمود في مجال الصحة العامة.