نظمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بدائرة المخطوطات بالمديرية العامة للمعرفة والتنمية الثقافية وبالتعاون مع كلية العلوم الشرعية ندوة علمية حول كتاب “لقط الآثار المؤلف في صحار” وذلك بقاعة الإمام جابر بن زيد بكلية العلوم الشرعية بولاية بوشر.
أقيمت الندوة..
برعاية سعادة الشيخ محمد بن سليمان الكندي، محافظ شمال الباطنة، بحضور سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي، وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، وعدد من المسؤولين من الوزارة ومعهد العلوم الشرعية والباحثين والمهتمين.
وقال محمد بن عبيد المسكري، مدير دائرة المخطوطات بوزارة الثقافة والرياضة والشباب:
إن هذه الندوة تأتي احتفاء بتحقيق ونشر كتاب “لقط الآثار المؤلف بصحار ” ضمن مشروع الوزارة لتحقيق ونشر المخطوطات العُمانية، وترجع أهمية الكتاب باعتباره مدونة فقهية تعكس واقع المجتمع وتفاعله مع مختلف الجوانب الشرعية والاجتماعية والاقتصادية والزراعية خلال القرن الحادي عشر الهجري.
وأضاف أن:
الكتاب يكتسب أهميته مما يحتويه من توثيق تاريخي لنشأة دولة اليعاربة على يد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي وما رافقها من أحداث، كما يضم الكتاب كذلك إشارات تاريخية لمدن الساحل الشمالي لعُمان وما وقع فيها من أحداث خلال فترة تأسيس دولة اليعاربة، إضافة لذكر العديد من أسماء الأعلام المؤثرة في تلك الفترة ومسميات المواقع الجغرافية والأفلاج.
وأوضح أن:
وزارة الثقافة والرياضة والشباب تواصل جهودها في تحقيق ونشر المخطوطات العُمانية انطلاقًا من مرتكزات “رؤية عمان 2040 ” وتحقيقًا للهدف المتمثل في الاعتزاز بالهوية والمواطنة والثقافة العُمانية والمحافظة على التراث وتوثيقه، حيث بلغ عدد ما تم تحقيقه ونشره حتى هذا العام 415 عنوانًا، ويتضمن هذا العدد المخطوطات المحققة بالإضافة إلى مختلف الدراسات المتعلقة بالحضارة العُمانية.
وحرصًا على إثراء المحتوى الرقمي العُماني على شبكة المعلومات (الإنترنت) والاستفادة من التطور التقني الهائل في مجال تنظيم ونقل البيانات، وتسهيلًا للباحثين والمهتمين بالتراث العُماني المخطوط في سلطنة عُمان وخارجها؛ قامت الوزارة بتدشين موقع دار المخطوطات على شبكة الإنترنت، ويتيح الموقع إمكانية البحث في مخطوطات دار المخطوطات العُمانية التابعة للوزارة وتصفحها وتنزيل نسخ رقمية منها، وتطويرًا لهذه المنصة الرقمية وللبيانات المتاحة فيها فقد أطلقت الوزارة هذا العام مشروع الفهرسة التفصيلية لمخطوطات دار المخطوطات العُمانية، ومن المؤمل أن يتم تدشين المرحلة الأولى منه في الربع الأول من العام القادم.
واشتملت الندوة العلمية على تقديم 4 أوراق عمل حيث قدم الباحث إدريس باحامد محقق الكتاب ورقته العلمية بعنوان “لقط الآثار المؤلف بصحار، الموضوع والنسبة ورقة وصفية” تطرق خلالها عن منهجه في التحقيق ومباحثه وما يتصل به من أهم المواضيع العلمية، موضحًا أن لقط الآثار مخطوط قيم من المخطوطات العُمانية التي لم ترَ النور منذ أمد.
وتحدث الباحث عن مؤلف الكتاب الشيخ ناصر بن ثاني بن جمعة الرحيلي الصحاري ونسخه وأهم مواضيعه وكيفية تناوله تحقيق الكتاب وكيف اهتدى للمؤلف على الرغم من عدم معرفته لدى الكثيرين.
وفي الورقة الثانية التي قدمها فضيلة الشيخ سعيد بن ناصر الناعبي بعنوان “المسائل الفقهية في كتاب لقط الآثار” تحدث خلالها بإيضاح البيان عن المكانة العلمية الفقهية لهذا الكتاب وأهمية المسائل والفتاوى التي وردت فيه.
وقال إن:
كتاب لقط الآثار من الكتب المهمة الحاوية لآثار علمائنا، ولم يكتفِ المؤلف فقط بأقوال العلماء المتأخرين بل دون أقوال العلماء المتقدمين، فقد ذكر أقوال المشايخ موسى بن علي الإزكوي، ومحمد بن محبوب، ومحمد بن جعفر الإزكوي، وأبو سعيد محمد بن سعيد الكدمي، وعبدالله بن محمد ابن بركة.
وفي المحور الثاني من ورقته تحدث الناعبي عن التأصيل الفقهي للمسائل الفقهية المدونة في الكتاب وربطها بالأدلة الشرعية، كما تناول استنباط القواعد الفقهية من الكتاب، وبناء الفروع عليها.
وتناول الدكتور موسى بن سالم البراشدي في الورقة الثالثة والتي جاءت بعنوان (الأهمية التاريخية لكتاب لقط الآثار المؤلف بصحار) أبرز الأحداث التاريخية الهامة حيث أشار إلى أن المصادر الفقهية تقدم مادة تاريخية نادرًا ما تشير إليها المصادر التاريخية، لاسيما تلك المرتبطة بما يسمى بفقه النوازل، ولذا أُطلق عليها المصادر الدفينة لكونها تتضمن كنوزًا بحاجة إلى البحث والتنقيب.
وأشار إلى:
أهمية الكتاب في كون مؤلفه معاصرًا للفترة الأولى من عهد اليعاربة، وكان له دورًا سياسيًّا وإداريًّا فيها، ولذا كان قريبًا في كثير من الأحداث التاريخية التي أشار إليها في كتابه، سواء أكان ذلك على هيئة مسألة فقهية بناءً على موضوع الكتاب، أو ضمن الأحداث التاريخية التي تمت الإشارة إليها في ملاحق الكتاب والتي وردت بالجزء الخامس منه.
وفي الورقة الأخيرة والتي جاءت بعنوان (الأفلاج العُمانية وكتاب لقط الآثار المؤلف في صحار) قدمها الباحث الخبير بالأفلاج وتفاصيلها هلال بن عامر القاسمي كشف من خلالها عن أخبار وأماكن ومسمّيات ومسائل حول الأفلاج العُمانية في صحار وما حولها والتي تناولها الكتاب، وقال إن كتاب لقط الآثار المؤلف في صُحار، انفرد ببعض الأخبار والتعريفات والأحكام والمسميات والمناطق التي وصلت إليها الأفلاج، وكُتِبَ في مرحلة انتقالية من فترة مرت في غموض تاريخي، لذا فإن ما يحتويه من مسائل وتعريفات وأخبار تعد من أهم الروافد العلمية لنظام الريّ بالأفلاج وما تشتمل من أبعاد في مجالات أخرى مرتبطة بالفلج مباشرة.
وتناول الباحث الارتباط بين نظام الأفلاج منذ نشأتها وما احتوى كتاب لقط الآثار من معلومات ذات صلة بالأفلاج، كما يعالج مضامين الفلج ذات الصلة من حيث النشأة والعمر والسبب والنوع والتطور.
الجدير بالذكر أن:
كتاب لقط الآثار المؤلف في صحار يعد من الكتب العُمانية المهمة في مادته ومحتواه، ويزيده أهمية لأنه يعود لمرحلة فاصلة في التاريخ العُماني وهو قيام إمامة ناصر بن مرشد، ومنها اجتماع العُمانيين حوله لطرد الاحتلال البرتغالي وتخليص البلاد من ذلك البلاء.. وبالرغم أن الكتاب في الفقه ولكنه يحتوي على نصوص وأخبار وآثار متنوعة في التاريخ والجغرافيا والبلدان والأنساب وموارد المياه كالأفلاج والعيون وغيرها من الفنون الأدبية، ويحتوي الكتاب كذلك على نصوص أخرى نادرة لعلماء ومؤلفين لا توجده في غيره من الكتب.