أطلقت الأكاديمية السُّلطانية للإدارة اليوم أولى الورش التفاعلية للمبادرة بمحافظة مسقط، والتي تأتي في إطار تطوير ذهنية إحداث الأثر في العمل الحكومي وتهدف إلى التركيز على الدور المحوري للوظيفة العامة، وصولًا إلى الغاية الأسمى من الانضمام للفريق الحكومي الواحد.

وقال سعادة الدكتور علي بن قاسم اللواتي، رئيس الأكاديمية السُّلطانية للإدارة، في مؤتمر صحفي عُقِدَ بالنادي الدبلوماسي، إنّ:
انطلاق الورش التفاعلية يُعدُّ مرحلة مهمة في رحلة المُبادرة ـ الوطنية للفريق الحكومي الواحد، التي جاءت استجابةً للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم ـ حفظه الله ورعاه بضرورة العمل كمنظومة واحدة متكاملة، وتعزيز الأثر الإيجابي والفاعل للفرد ضمن بيئة العمل الحكومي.

وأشار سعادته إلى:
الأهمية الاستراتيجية لهذه الانطلاقة، والتي ستُشكل انعكاسًا لعمل الفريق الواحد ومواصلة إشراك المؤسسات المُستهدفة في جميع مراحل المُبادرة من التصميم إلى ما بعد التنفيذ، مؤكّدًا أنّ المُبادرة يُشارك في إنجاحها كل من يعمل لأجل مستقبل عُمان.
وأضاف سعادته أنّ:
نهج الفريق الحكومي الواحد ليس مفهومًا جديدًا على سلطنة عُمان، إذ شَكّل عبر عقود ركيزة أساسية في تحقيق الأهداف والرؤى الوطنية وعلى رأسها خدمة الإنسان على هذه الأرض، إلا أن المرحلة الراهنة تتطلب تعزيز هذا النهج؛ من أجل ترسّيخ مبدأ العمل المشترك الداعم لتوجهات الحكومة نحو جهاز إداري يتسم بالمرونة والابتكار والجاهزية للمستقبل، ويواكب الأولويات الوطنية والتطوُّرات العالمية.

وردًا على سؤال وكالة الأنباء العُمانية حول ما يميز تجربة سلطنة عُمان في هذه المبادرة مقارنة بالنماذج العالمية، قال سعادة الدكتور علي بن قاسم اللواتي، رئيس الأكاديمية السُّلطانية للإدارة، إنّ:
ما يميز تجربة سلطنة عُمان في هذه المبادرة الوطنية هو اتساع نطاقها وشموليتها؛ حيث إنها لا تقتصر على فئة أو جهة بعينها، بل تستهدف جميع العاملين في القطاع الحكومي بمختلف مؤسساتهم ومستوياتهم الوظيفية، مما يجعلها تجربة تكاملية فريدة على مستوى المنطقة.
وتابع سعادته أنّ:
الجانب الآخر الأكثر تميزًا، فهو تركيز المبادرة على التحول الذهني، وهو بطبيعته أكثر تعقيدًا وعمقًا من مجرد تطوير المهارات الفنية، فبينما يمكن تدريب الأفراد على المهارات من خلال برامج تقليدية، فإن إعادة تشكيل الذهنية ونمط التفكير المؤسسي يتطلب جهودًا متواصلة وتجارب تفاعلية مصممة بعناية، وهو ما تسعى هذه المبادرة إلى تحقيقه من خلال نموذج عملي وطني يعكس القيم العُمانية ويواكب التوجهات العالمية في الحوكمة والإدارة.
ولفت سعادته بأنّ:
هذه المبادرة ستكون على مدى خمسة أعوام، لتشمل جميع موظفي الجهاز الإداري للدولة بمختلف مستوياتهم الوظيفية، وستُنفذ في كافة محافظات سلطنة عُمان، انسجامًا مع توجهات اللامركزية، ودعمًا لمسار تمكين الإدارات المحليّة.
وأكّد سعادته أنّ:
سلطنة عُمان تطمح من خلال هذه المبادرة إلى بناء نموذج وطني فريد في إدارة التغيير الحكومي، يمكن الاستفادة منه في صياغة مبادرات مستقبلية أكثر شمولًا، بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040، وترسيخ ثقافة الأداء القائم على الأثر، والتكامل بين مؤسسات الدولة والمجتمع والقطاع الخاص.
من جانبه قال هلال بن مظفّر الريامي، رئيس فريق المبادرة الوطنية للفريق الحكومي الواحد، إنّ:
انطلاق الورش التفاعلية للمبادرة يمثّل نقطة تحول محورية، إذ تلتقي فيها الأكاديمية بالدفعة الأولى من كوادرنا الوطنية المشاركة للإسهام في تنفيذ مضامين المبادرة، لافتًا إلى أنّ الورشة الأولى هي من أصل 100 ورشة ستعقد في العام الأول للمبادرة.

وأضاف أنّ:
الورش صُممت لتكون مساحات فكرية هدفها الأساسي تحقيق المواءمة بين الأهداف الشخصية والمؤسسية، بالإضافة إلى تعزيز الوعي بإدراك الأثر الحقيقي لدور الموظف في مؤسسته وأثر وظيفته على الحكومة والمجتمع، كما تركز على دوره باعتباره جزءًا أساسيًا ضمن الفريق الحكومي الواحد، بعيدًا عن المسميات الوظيفية، وقد اشتملت الورشة على أنشطة تحضيرية تليها مراحل متابعة وتفاعل تُقام بالشراكة مع المؤسسات المشاركة.
ووضّح أنّ:
ورشة اليوم الواحد هي إحدى المكونات التي تتكامل مع العناصر الأخرى للمُبادرة مثل “برنامج تدريب المُيسرين” وحملة اتصالية وطنية ضمن عنصر “الإعلام والتواصل” و”قياس الأثر” بشكل مستمر للتقييم وتحديد مجالات التحسين.
وذكر أنّ:
للمُبادرة مجتمعاتها الخاصة، والتي ستتضمن المُشاركين فيها ورؤساء الوحدات المشاركة والمُيسرين والمجتمعات الإعلامية الداعمة، بالإضافة إلى 57 سفيرًا من المؤسسات المستهدفة الذين سيساهمون في إدماج مضامين المُبادرة في العمل اليومي بجهات عملهم والتأكد من استمرارية رحلة المُشارك مع المُبادرة بعد حضوره ورشة اليوم الواحد.
وبيّن أنّه:
سيشارك في السنة الأولى من المبادرة 5000 موظف من 19 وحدة حكومية من مختلف وحدات الجهاز الإداري للدولة، وسيشمل نطاق تنفيذها محافظات مسقط وظفار ومسندم وشمال الباطنة، على أن تشمل في أعوامها القادمة والتي ستمتد لخمسة أعوام جميع موظفي الجهاز الإداري للدولة بكافة المستويات الإدارية المختلفة.

ووضّح أنّ:
المبادرة ترافقها خطة دقيقة لقياس الأثر، تشمل استبيانات ومقابلات ومؤشرات أداء للمشاركين والمؤسسات، إضافة إلى رصد إعلامي نوعي لقياس مستوى التفاعل المجتمعي، وتحليل المخرجات لصياغة تقارير استراتيجية تُرفع إلى الجهات ذات العلاقة وصنّاع القرار.
وأكّد أنّ:
التجربة العُمانية تتفرد بعدّة جوانب، من أبرزها شمولية الفئة المستهدفة، والتركيز على التغيير الذهني العميق، إلى جانب إشراك الشباب وطلبة الجامعات كمساهمين في إنتاج المحتوى، مما يرسّخ الارتباط بين الأجيال القادمة ومسار تطوير القطاع الحكومي.
وحول إشراك مختلف فئات المجتمع في المبادرة، قال هلال بن مظفّر الريامي، رئيس فريق المبادرة الوطنية للفريق الحكومي الواحد، إنّ:
هناك نماذج عملية حقيقية، إذ تضمنت إحدى ورش “اليوم الواحد” محتوى رئيسًا تم تصميمه وتصويره وإخراجه بالكامل من قِبل طلبة جامعة السلطان قابوس، ضمن مشروع جامعي بعنوان “رسائل إلى المستقبل”، يعكس رؤيتهم وأحلامهم حول العمل الحكومي، وقد تمّ تبني هذا المحتوى من قبل فريق المبادرة بعد تفاعل مباشر مع الطلبة، ليُدمج رسميًا ضمن الورشة، في خطوة تعكس الثقة بقدرات الشباب وأهمية إشراكهم في صناعة التحول المؤسسي.
وذكر أنّ:
المبادرة تسعى أيضًا إلى إشراك ذوي الإعاقة ضمن الورش القادمة، إدراكًا لأهمية تمثيل جميع فئات المجتمع، وتأكيدًا على أنّ مسار التغيير الحكومي يجب أن يكون شاملًا ودامجًا للجميع دون استثناء، كما يجري العمل على التوسّع في هذا الاتجاه من خلال تنظيم زيارات خاصة إلى المدارس والكليات والجامعات، بهدف فتح قنوات تواصل مباشر مع الطلبة وغرس مفاهيم العمل الحكومي وفكر “الفريق الواحد” منذ مراحل مبكرة.
وقد طُورت المبادرة الوطنية للفريق الحكومي الواحد بناءً على مخرجات جلسات بؤرية موسّعة شملت مختلف المستويات الوظيفية، وبينما اعتمدت على علم السلوك وأفضل الممارسات العالمية، إلا أنّ الأكاديمية اتبعت منهجًا معتمدًا على القيم العُمانية والسمت العماني، فيما صُممت ورشة اليوم الواحد لتكون تجربة متكاملة مبنية على علم السلوك، مع مراعاة تخصيص المحتوى للفئات المستهدفة المختلفة.

ويُشارك في العام الأول من المبادرة موظفون من مختلف المستويات الإدارية، تمّ ترشيحهم من قِبل 19 وحدة حكومية، وهي: وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، وزارة الصحة، وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، صندوق الحماية الاجتماعية، هيئة تنظيم الخدمات العامة، وزارة التربية والتعليم، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وزارة التنمية الاجتماعية، وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وزارة العمل، وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وزارة المالية، وزارة الإعلام، الادعاء العام، بلدية مسقط، ومكاتب أصحاب السُّمو والمعالي والسعادة المحافظين في كل من محافظات ظفار ومسندم وشمال الباطنة.