تشكّل المباني الخضراء رؤية شاملة للتخطيط الحضري المستدام وتحفيز الابتكار في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام المياه، ما يعزز تطلعات سلطنة عُمان نحو التنمية المستدامة والقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، وتحفيز ممارسات البناء الصديقة للبيئة وحماية الموارد الطبيعية.

وقالت فاتن بنت كامل الشالوانية مهندسة معمارية في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني:
إن المباني الخضراء أصبحت ضرورية اليوم لما لها من دور في تقليل الأثر البيئي، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والمياه، وتوفير بيئات صحية وأكثر استدامة للمجتمعات.
وأوضحت لوكالة الأنباء العُمانية أن:
المبنى الأخضر يقوم على مجموعة من الممارسات تشمل: تحسين العزل الحراري، وترشيد استهلاك المياه وإعادة استخدامها، وتوظيف أنظمة إضاءة وتكييف عالية الكفاءة، والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، إضافة إلى اختيار مواد بناء مستدامة وصديقة للبيئة تحافظ على جودة البيئة الداخلية من خلال التهوية الجيدة والإضاءة الطبيعية.
وأشارت إلى أن:
سلطنة عُمان تسير بخطى واضحة نحو هذا الاتجاه عبر وضع اشتراطات ومعايير خاصة بالاستدامة وكفاءة الطاقة لتوجيه السوق نحو متطلبات قابلة للقياس، والعمل على مواءمة التخطيط والتنمية مع المعايير العالمية للاستدامة في بناء مدن ذكية ومستدامة بما يتماشى مع مستهدفات رؤية “عُمان 2040” في التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

من جانبه قال الدكتور ربيع بن محمد الرحبي مدير مركز المعايير والمقاييس البيئية بهيئة البيئة:
إن محفزات التوجه نحو البناء الأخضر تعود إلى تحقيق ميزة تنافسية للمؤسسات العاملة في قطاع البناء والإسكان عبر حصولها على شهادة الجودة للأبنية الصديقة للبيئة؛ إذ تشير الدراسات إلى زيادة الطلب عليها بنسبة 10 بالمائة مقارنة بالتقليدية.
وأضاف أن:
هذه المباني تمتاز بكفاءة استخدام الطاقة من خلال العزل الجيد والاختيار المناسب للنوافذ، والاعتماد على استخدام الطاقة النظيفة في التدفئة والتبريد، وترشيد استخدام المياه عبر أنظمة أكثر كفاءة لضخها وإعادة استعمالها بما تساعد في تخفيض الآثار الضارة لاستعمال المياه على البيئة المحيطة، فضلًا عن التوافق مع المعايير الصحية والإضاءة والتهوية الطبيعية، ما ينعكس على زيادة إنتاجية الأفراد العاملين فيها بنسبة تصل إلى 12 بالمائة قياسًا لما هو عليه في المباني التقليدية.

وأشار إلى أن:
المباني الخضراء تحقق عوائد اقتصادية مهمة في جذب التمويل الأخضر القائم على صفر مخاطر بيئية، ما يؤهلها للحصول على قروض خضراء وحوافز من مؤسسات تمويل دولية، وخفض المخاطر المالية المتعلقة بضرائب انبعاث الكربون، بما يسهم في زيادة القيمة الشرائية للعقارات، وتوفير التكاليف التشغيلية لخدمات الكهرباء والمياه، وإيجاد فرص عمل محلية في إدارة المرافق الخضراء وصيانتها.
أما عن العوائد البيئية، فأوضح أنها:
تساعد على خفض انبعاث غازات الدفيئة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وتقليل نفايات البناء والتشغيل، إلى جانب دعم التنوع البيولوجي الحضري من خلال المساحات والسقوف الخضراء.

وبيّن أنها:
تسهم في تحقيق أهداف المناخ والتنمية المستدامة لسلطنة عُمان بما يعزز من تقليل البصمة الكربونية، وتخفيف الضغط على البنية الأساسية عبر التكامل مع سياسات النقل والتخطيط الحضري المستدام وحماية المناطق الحساسة بيئيًّا.
ويعمل النظام الوطني للمباني الخضراء “روزنة” الذي دشنته هيئة البيئة على تقييم الأبنية وفق 7 معايير رئيسة للاستدامة البيئية مع اعتماد آلية لاحتساب النقاط تؤهل المباني للحصول على شهادة المباني الخضراء، ويشمل ذلك المباني السكنية والتجارية والحكومية والمصانع وحتى المدن المستدامة.
وحصلت عدد من المشروعات العمرانية ومشروعات قطاع السياحة والضيافة في سلطنة عُمان على شهادات المباني الخضراء العالمية بمستوياتها المختلفة، ونالت شهادة البلاتينيوم كلٌّ من المقر الرئيسي لشركة عمانتل، و “سيتي سنتر مسقط”، و “مول عُمان”، فيما حصل على شهادة الذهبية مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، وفندق “دبليو مسقط”، ومشروع الواجهة البحرية بالحي الدبلوماسي في مسقط.
وحصل أيضًا فندق “أليلا الجبل الأخضر” على شهادة الفضية، بينما حاز مشروع إسكان شركة تنمية نفط عُمان على شهادة المباني الخضراء، وتواصل مدينة يتي المستدامة أعمالها التنفيذية التي تهدف إلى صفر انبعاثات وفق معايير الاستدامة.
وتسعى هيئة البيئة إلى رفع مؤشر الأداء البيئي للمساهمة في تحقيق خطة التنمية المستدامة 2030 التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتنفيذ الأهداف الاستراتيجية لرؤية “عُمان 2040” للمساهمة في خفض انبعاث ثاني أكسيد الكربون، وتشجيع مالكي ومشغلي المباني على الاستغلال المستدام للموارد الطبيعية.
كما تعمل الهيئة حاليًّا على إعداد آلية لتقييم “المدن الخضراء المستدامة ” اعتمادًا على معايير تصنيف الأبنية الخضراء.