افتُتحت اليوم أعمال ملتقى “سيرة الصحراء في عُمان” الذي ينظمه النادي الثقافي، ويستمر على مدى يومين، متضمنًا برنامجًا ثقافيًّا متنوعًا يشمل ندوات فكرية، ومعرضين فنيين، وورش عمل، تُعنى بتوثيق الصحراء العُمانية واستكشاف أبعادها العلمية والثقافية والتاريخية.
واستُهل برنامج اليوم الأول بندوة علمية بعنوان “من شظايا النيازك إلى قوافل اللبان: توثيق الصحراء العُمانية”، شارك فيها عدد من الأكاديميين والباحثين، حيث تناولت أوراق العمل المقدّمة الأبعاد الجيولوجية والأثرية والثقافية المرتبطة بالصحراء العُمانية.

وقدّم الدكتور علي بن فرج الكثيري ورقة علمية استعرض فيها الخصائص الجغرافية والجيولوجية التي تجعل من الصحراء العُمانية بيئة مثالية لحفظ النيازك، مشيرًا إلى أن سلطنة عُمان تحتل المرتبة الأولى عالميًّا من حيث عدد النيازك المكتشفة بين الدول، بنسبة تبلغ نحو 6.4% من إجمالي النيازك الموثقة عالميًّا، بحسب إحصاءات الجمعية العالمية لعلوم النيازك والفضاء. وأوضح أن التكوينات الرسوبية للحجر الجيري في الصحراء، وغياب التضاريس الوعرة، تسهم في بقاء النيازك في مواقعها لعشرات الآلاف من السنين.
وفي ورقته العلمية، سلط الأستاذ الدكتور خالد أحمد دغلس من قسم الآثار بجامعة السلطان قابوس، الضوء على دور الصحراء العُمانية في حركة التجارة القديمة، مؤكدًا أن المكتشفات الأثرية تعكس استيطان الإنسان للمنطقة منذ العصور الحجرية، واستمرارها كمحطات رئيسة في شبكة طرق القوافل، لا سيما “طريق اللبان” التاريخي. وتطرق إلى أهمية الواحات والنقوش الصخرية في فهم البُعد الاقتصادي والثقافي للمنطقة، مشددًا على ضرورة استخدام التقنيات الحديثة لتوسيع نطاق البحوث الأثرية.

وقدّمت الدكتورة حنان بنت محمود أحمد، مديرة دائرة المعارض الوثائقية بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، دراسة تحليلية حول الهُوية الثقافية في البيئة الصحراوية العُمانية، مشيرة إلى أن توثيق الصحاري في الجانب الثقافي ما يزال محدودًا، مما دفعها إلى استخدام الوثائق والاستبانات لسبر ملامح الهوية الصحراوية. وأكدت أن المجتمعات الصحراوية في سلطنة عُمان تتميز بتماسك هويّتها الثقافية في مواجهة تحديات الحداثة.
كما شهد اليوم الأول افتتاح معرضين فنيين مصاحبين، حمل الأول عنوان “أوهاد”، وضمّ 35 عملًا فنيًّا تشكيليًّا قدّمها 15 فنانًا، عبّروا من خلالها عن رؤى إبداعية مستوحاة من رمزية الصحراء العُمانية وأبعادها البصرية والوجدانية، حيث تجسّدت في لوحات تعبّر عن التفاعل الفني مع البيئة الصحراوية. أما المعرض الثاني فجاء بعنوان “سف وغزل”، واشتمل على مجموعة من المنتجات الحرفية المستلهمة من عناصر الحياة الصحراوية، عكست المهارات التقليدية والابتكار في إعادة تقديم الموروث الثقافي بأساليب معاصرة.

الجدير بالذكر أن:
الملتقى يواصل أعماله يوم غدٍ بجلسات وورش عمل تهدف إلى تسليط الضوء على الصحراء العُمانية باعتبارها مكوّنًا جوهريًّا في الهوية الوطنية ورافدًا للمعرفة العلمية والثقافية.