أعلنت وزارة التراث والسياحة عن اكتشاف أثري من العصر البرونزي المبكر بمنطقة دهوى في ولاية صحم بمحافظة شمال الباطنة في سلطنة عُمان.
وكشف فريق التنقيب الأثري العُماني الأمريكي المشترك الذي تشرف عليه وزارة التراث والسياحة برئاسة البروفيسور الدكتور ناصر الجهوري والدكتور خالد دغلس من قسم الآثار بجامعة السلطان قابوس والبروفيسورة كيمبرلي ويليامز من جامعة تمبل فيلادلفيا الأمريكية عن مجموعة أدوات أثرية مميزة من الألف الثالثة قبل الميلاد.
وعن أهمية موقع دهوى الأثري يقول البروفيسور ناصر الجهوري مكتشف الموقع في عام 2013م إن:
موقع دهوى الأثري يعد من بين مواقع العصر البرونزي المبكر المهمة في محافظة شمال الباطنة نظرًا لطبيعة وكمية المكتشفات الأثرية التي تم الكشف عنها أثناء مواسم المسح والتنقيب المختلفة التي بدأت منذ عام 2013م واستمرت إلى عام 2021م.
وأضاف:
أنه في عام 2013م باشر القسم أعماله الميدانية بعمل مسح أثري شامل في منطقة دهوى، وتم الكشف عن خمسة مواقع أثرية مميزة تضم مستوطنات قديمة تعود بتاريخها إلى ما يسمى بثقافة أم النار (2600-2000 قبل الميلاد).
ووضح أن:
هذه المواقع تمثل أقدم مستوطنات دائمة في شمال سلطنة عُمان، ونتيجةً لأهمية هذا الاكتشاف قام قسم الآثار بمتابعة البحث الميداني للتعرف على طبيعة الاستيطان والتاريخ الدقيق له، عبر إجراء ستة مواسم من التنقيب الأثري تركزت جميعها في موقعي دهوى 1 ودهوى 7.
وأكد البروفيسور ناصر الجهوري على أن:
الهدف من التنقيب التعرف على طبيعة الاستيطان وتسلسله الزمني، والتخطيط العام للمباني وأنواعها ووظيفتها، والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، والظروف البيئية التي تحيط بالموقع، ونتج عنه نشر مجموعة من الأبحاث في مجلات دولية محكمة ومرموقة، إضافةً إلى عرض النتائج في عدد من المؤتمرات الدولية.
وأشار إلى أن:
العمل الأثري لقسم الآثار في موقع دهوى 7 تضمن تنقيب مبانٍ حجرية ذات وظائف مختلفة منها مخازن، ومبان صناعية لمعالجة خام النحاس، ومبان إدارية، ومبان طقسية هي الأولى من نوعها في عصور ما قبل التاريخ في عُمان، إضافةً إلى قبر جماعي من الألف الثالثة قبل الميلاد، وهو القبر الوحيد الذي تم العثور عليه في مستوطنة دهوى 7.
وذكر أن:
القسم قام بالتعاون من البروفيسورة كيمبرلي ويليامز بالتنقيب في هذا القبر وتبين بعده أن الدفن في هذا القبر كان جماعيا، ويتكون من ست غرف دفن، إضافةً إلى العثور على بقايا هياكل عظمية، وعدد كبير من الأواني الفخارية المحلية والمستوردة، وأواني الحجر الأملس، وبعض المجوهرات.
وتشير البروفيسورة كيمبرلي ويليامز إلى أن:
من بين أهم الأدوات المميزة في هذا القبر بقايا مجوهرات فضية مثل خرز يمثل جزءا من قلادة وعدد من الخواتم”.
وقالت:
“من المثير للاهتمام أن أحد الخواتم الفضية التي تم العثور عليها يحمل ختمًا نقشت به بقرة البيسون الهندية الشهيرة والتي تعد نمطًا زخرفيًا وشكلًا مميزًا معروفًا في ثقافة وادي السند (الهارابا)، وهو الأمر الذي يشير إلى نشاط التجارة بين الأقاليم والحضارات القديمة حيث نجد هذه الأشكال تتكرر في الأختام الحجرية الدائرية في المناطق المرتبطة تجاريًّا بوادي السند آنذاك في إيران، والبحرين، وبلاد ما بين النهرين، وفي عُمان أيضًا”.
من جانبه وضح البروفيسور جوناثان مارك كينوير خبير التقنيات القديمة من جامعة ويسكونسن ماديسون الأمريكية بقوله:
“رغم أن خواتم الأختام تعد نموذجًا لفترات زمنية لاحقة، ولكن هذا الاكتشاف يبرهن على أن شعوب العصر البرونزي كانت أكثر ذكاءً وتقدمًا من الناحية التقنية مما كان يعتقد سابقًا حيث تشير إلى أنهم وفي مرحلة مبكرة قاموا بإدخال حلول إدارية سمحت لهم بالنمو الاقتصادي في آلاف السنين اللاحقة”.
وأشار الدكتور دينيس فرينز الخبير الإيطالي المختص في طرق التجارة القديمة بين وادي السند وعُمان، والمتعاون مع وزارة التراث والسياحة إلى أن:
اكتشاف خاتمٍ فضي في قبر بمحافظة شمال الباطنة يحتمل أن يكون صُنع في بلاد ما بين النهرين “العراق” باستخدام فضة من بلاد الأناضول “تركيا” لفرد مرتبط بالتجارة الخارجية مع حضارة السند “باكستان وغرب الهند” يُظهر التطور الكبير في التجارة الخارجية، والتفاعل والعلاقات التجارية والثقافية في عصور ما قبل التاريخ، والتي يمكن اعتبارها نموذجًا أوليًّا للتبادلات العالمية الحديثة”.
تجدر الإشارة إلى أنه..
تم في عُمان سابقًا العثور على أختام منقوشة من الحجر الأملس في مواقع سلوت والميسر، إلا أن الخاتم المكتشف من قبر دهوى هو المرة الأولى التي يتم فيها العثور على هذا الشكل منقوشًا على أحد الخواتم المعدنية.